أقوال المنصفين المحدثين في النبي – صلى الله عليه وسلم - أحب أن أشير في هذا المقام إلى المكانة التي يحتلها النبي _ صلى الله عليه وسلم _ في عقول المنصفين من غير المسلمين حتى نعرف أن إنجازاته تستحق التعريف بها والدعوة من خلالها 1 – مهاتما غاندي : أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر صورة للزعيم والفيلسوف الهندي غاندي ... لقد أصبحت مقتنعا كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقته و صدقه في الوعود و تفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه و رسالته هذه الصفات هي التي مهدت الطريق و تخطت له المصاعب و ليس السيف، بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول وجدت نفسي آسفا لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة . 2 – راما كريشناراو : لا يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها . ولكن كل ما في استطاعتي أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة . فهناك محمد النبي ، ومحمد المحارب ، ومحمد رجل الأعمال ، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامي العبيد، ومحمد محرر النساء ، ومحمد القاضي، كل هذه الأدوار الرائعة في كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلا. 3 – المفكر الفرنسي لامارتين : صورة للمفكر الفرنسي لامارتين إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة ، فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أيا من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد – صلى الله عليه وسلم – في عبقريته ؟ فهؤلاء المشاهير قد صنعوا الأسلحة وسنوا القوانين وأقاموا الإمبراطوريات ، فلم يجنوا إلا أمجادا بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانيهم ، لكن هذا الرجل لم يقد الجيوش ويسن التشريعات ويقيم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروض الحكام فقط ، وإنما قاد الملايين من الناس فيما كان يعد ثلث العالم حينئذ . ليس هذا فقط ، بل إنه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة... هذا هو محمد – صلى الله عليه وسلم – الفيلسوف ، الخطيب ، النبي ، المشرع، المحارب ، قاهر الأهواء، مؤسس المذاهب الفكرية التي تدعو إلى عبادة حقة ، بلا أنصاب ولا أزلام، هو المؤسس لعشرين امبراطورية في الأرض، وإمبراطورية روحانية واحدة، هذا هو محمد– صلى الله عليه وسلم . بالنظر لكل مقاييس العظمة البشرية، أود أن أتساءل : هل هناك من هو أعظم من النبي محمد– صلى الله عليه وسلم – ؟ 4 – مونتجومري : إن استعداد هذا الرجل لتحمل الاضطهاد من أجل معتقداته، والطبيعة الأخلاقية السامية لمن آمنوا به واتبعوه واعتبروه سيدا وقائدا لهم، إلى جانب عظمة إنجازاته المطلقة ، كل ذلك يدل على العدالة والنزاهة المتأصلة في شخصه ، فافتراض أن محمدا مدع افتراض يثير مشاكل أكثر ولا يحلها، بل إنه لاتوجد شخصية من عظماء التاريخ الغربيين لم تنل التقدير اللائق بها مثل ما فعل بمحمد 5 – الدكتور زويمر : إن محمدا كان ولا شك من أعظم القواد المسلمين الدينيين ، ويصدق عليه القول أيضا بأنه كان مصلحا قديرا وبليغا فصيحا وجريئا مغوارا ، ومفكرا عظيما ، ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينافي هذه الصفات ، وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان بصحة هذا الادعاء . 6 – برنارد شو : إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد ، هذا النبي الذي وضع دينه دائما موضع الاحترام والإجلال فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالدا خلود الأبد، وإني أرى كثيرا من بني قومي قد دخ صورة للفيلسوف البريطاني برنارد شو لوا هذا الدين على بينة ، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة (يعني أوربا) . إن رجال الدين في القرون الوسطى ، ونتيجة للجهل أو التعصب قد رسموا لدين محمد صورة قاتمة ، لقد كانوا يعتبرونه عدوا للمسيحية ، لكني اطلعت على أمر هذ الرجل، فوجدته أعجوبة خارقة، وتوصلت إلى أنه لم يكن عدوا للمسيحية، بل يجب أن يسمى منقذ البشرية ، وفي رأيي أنه لوتولى أمر العالم اليوم ، لوفق في حل مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها . 7 – تولستوي : يكفي محمد فخرا أنه خلص أمة ذليلة دموية من مخالب شياطين العادات الذميمة ، وفتح على وجوههم طريق الرقي والتقدم ، وأن شريعة محمد ستسود العالم لانسجامها مع العقل والحكمة[4]. هذه نماذج من أقوال المنصفين الغربيين في النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – وقبل البحث في أسباب الإعجاز في حياته - صلى الله عليه وسلم - لا بد من الحديث أولا عن مظاهر ذلك الإعجاز، فبها يمكن أن نضع أيدينا على العوامل الحقيقية والأسباب التي أعجز بها النبي - صلى الله عليه وسلم - غيره من الناس. مظاهر الإعجاز في حياته - صلى الله عليه وسلم - : لو أجملنا لقلنا إنه حول العرب من النقيض إلى النقيض في زمن قصير وبأقل التكاليف ، كانوا أعداء فأصبحوا إخوانا ، كانوا يعبدون آلهة كثيرة فأصبحوا يعبدون إلها واحدا خالقا ، كانوا أميين فأصبحوا متعلمين ، كانوا قبائل كثيرة متحاربة فأصبحوا دولة واحدة ،كانوا متخلفين عن الأمم المجاورة لهم فأصبحوا متقدمين عنها . وأمَّة العُرب كم كانت مخلفة والفرس والروم في ملك وفي حشَم ما كان يخطر بالألباب يومئذ أن المـوازين قد تهـوي وتنهدم ليصبح البدو في مجد وفي بذخ والروم والفرس في وحل وفي أكَم ولو أردنا تفصيل تلك الدلائل فسنكتفي بهذه النماذج وفي الإشارة ما يغني عن العبارة : 1 – نقل العرب من الفرقة والعداوة إلى الوحدة والمحبة : كانت بلاد العرب قبل الإسلام قبائل متنافرة متناحرة تتبع بأنعامها مواطن الكلإ والماء، يأكل قويها ضعيفها، ويغزو بعضها بعضا، وقامت بسبب ذلك حروب كثيرة عرفت بأيام العرب، على غرار حرب البسوس وحرب داحس والغبراء وحرب الفجار وغيرها .. وكانت دولة الفرس في الشمال ودولة الروم في الغرب وحتى الأحباش في الجنوب يستغلون هذا الوضع لإحكام سيطرتهم، وفرض الضرائب على العرب، ولم يكن الفكر العربي في تلك المرحلة يرقى إلى مستوى التفكير في إقامة دولة أو مجتمع أو حضارة كما هو الشأن عند الأمم الأخرى، ولم يمض من عمر الإسلام أكثر من عشر سنوات حتى أعلن النبي – صلى الله عليه وسلم – قيام المجتمع الإسلامي والدولة الإسلامية ليعرف العرب عندها أول دستور في حياتهم، وانتقلت العاصمة إلى يثرب، ولم يكن قيام هذه الدولة هدفا في حد ذاته، بل كان هدف مؤسس هذه الدولة أبعد من ذلك بكثير، لقد كان هدفه تكوين حضارة جديدة تمتد في طول الزمان وعرضه، تقوم على كلمة التوحيد والمباديء الإنسانية السامية، ووجود أجناس مختلفة، وألوان مختلفة ضمن أفرادها الأوائل وما تضمنته نصوص الوحي من عبارات تأمر بالمساواة بين الجميع إشارة صريحة إلى ذلك . ولم تكن هذه الوحدة مجرد شعارات ظاهرية ، أو نظاما مفروضا على الناس وهم له كارهون ، بل إنها امتدت عمقا لتعانق شغاف القلوب ، وذابت في ثناياها جميع الانتماءات العرقية والقبلية وتبدلت الكثير من المفاهيم التي كانت سائدة ، فلا فرق بين أبيض وأسود ، ولا بين فقير وغني ، ولا بين أمير ومأمور ، ولا بين شريف النسب ووضيعه ، وترك أمر الأفضلية للعمل الصالح فحسب ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )[5]. – نقل العرب من الجاهلية والأمية إلى الحلم والتعلم :كانت العرب أمة أمية لا تعرف في عمومها القراءة والكتابة بشهادة القرآن الكريم ، كما كانت الجاهلية تتحكم في تصرفاتها ، وتغذي فيها معاني الثأر والظلم والتعسف على نحو قول عمرو بن كلثوم : ألا لا يجهلن أحـــد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا |
سبع حقائق علمية تشهد بصدق النبي صلى الله عليه وسلم
سوف نخاطب كل من يشوه صورة الرسول الأعظم بلغة العلم لنرى عظمة الإسلام وعظمة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم .... الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من كان القرآنُ خلُقه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: فإن أجمل اللحظات التي يمر بها المؤمن، عندما يرى معجزة تتجلى في كلام سيد البشر صلى الله عليه وسلم، وبما أننا نعيش عصر العلم والاكتشافات العلمية، تبرز الحاجة للبحث في أحاديث المصطفى عليه الصلاة والسلام لإدراك الإشارات العلمية، بما يشهد على صدق هذا النبي الأميّ، ومثل هذا البحث يمكن أن يساهم في تصحيح نظرة الغرب عن نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام. الحقيقة الأولى يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام لأصحابه: (سيبلغ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار) أي أن الإسلام سينتشر في كل مكان يصله الليل والنهار أي في كل الأرض، وبالفعل تقول الإحصائيات الغربية إن الإسلام موجود في كل مكان من العالم اليوم!! فالإحصائيات تخبرنا بأنه عام 2025 سيكون الإسلام هو الدين الأول من حيث العدد على مستوى العالم، وهذا الكلام ليس فيه مبالغة، بل هي أرقام حقيقية لا ريب فيها. هذه الأرقام جاءت من علماء غير مسلمين أجروا هذه الإحصائيات. |
الموسوعات موسوعة أبحاث الاعجاز العلمي الطب وعلوم الحياة الطب وعلوم الحياة الإعجاز العلمي لسنة النبي صلى الله عليه وسلم في الماء الراكد والماء الدائم
بسم الله الرحمن الرحيم الإعجاز العلمي لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم في الماء الراكد والماء الدائم من أبحاث المؤتمر العالمي الثامن للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بدولة الكويت 1427هـ - 2006م د. مجدي إبراهيم السيد أخصائي جراحة حروق وتجميل بمستشفى النور التخصصي / مكة المكرمة ملخص البحث الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله ومن تبع هديه إلى يوم الدين ، - يقول صاحب نيل الأوطار ، حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم وهو جنب فقالوا يا أبا هريرة كيف يفعل قال يتناوله تناولاً " رواه مسلم وابن ماجة . ولأحمد وأبي داود " لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه من جنابة " . والحديث " لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه " رواه الجماعة ( أصحاب الكتب الستة ، هم البخاري ومسلم في صحيحيهما ، وأصحاب السنن الأربعة وهم أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة ) وهذا لفظ البخاري ، والترمذي ثم يتوضأ منه ، ولفظ الباقين ثم يغتسل منه " انتهى كلامه . والماء الراكد هو الماء الواقف الذي لا يجري ، والدائم هو الماء الذي لا ينقطع مدده فيستمر وجوده . هكذا ، فقد ثبت هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، واستدل منه الفقهاء ، على حرمة البول في الماء الراكد الذي لا يجري ، وكراهية ذلك في الماء الجاري إن كان كثيراً ، وتصل هذه الكراهية للحرمة ، إن كان الماء الجاري قليلاً ، لمظنة تغيره بذلك . كما أجمعوا على أن حرمة التغوط في الماء ، أشد من حرمة التبول فيه . ( أنظر كتاب نيل الأوطار ) أما عن استعمال الماء الراكد للضرورة ، في الوضوء أو الاغتسال ، فلم يحرم ذلك ، وإنما حرم الانغماس فيه . ( أنظر كتاب نيل الأوطار ) ولقد ورد ، أيضاً ، النهي المباشر عن الشرب من الماء الراكد كما في إحدى الروايات التي أخرجها ابن حبان في صحيحه . وكذلك ، ورد النهي المباشر عن البول في الماء الجاري ، كما في الحديث ، الذي رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد . ( أنظر كتاب الترغيب والترهيب ) كما ورد النهي ، عن التخلي في الظل والطرق وعامة الموارد ، وإن كانت الأحاديث في ذلك بها ضعف . ( أنظر كتاب سبل السلام ) والذي نراه اليوم ومنذ القدم في أحوال الناس مع الماء الراكد ، أنه مصدر لمرض البلهارسيا ، والتي عرفت قديماً بالبيلة الدموية . وحتى بعد أن أكتشفت دورة حياة البلهارسيا ، وعرفت طرق المقاومة والعلاج ، ومع الإعلام ، وانتشار التمدين وبناء السدود وتقدم نظم الري ، فإننا نرى اليوم أن هذا المرض الذي كان ظاهرة لا يعرف لها سبب ، أصبح وباء يحصد ملايين البشر . فإن المصابين بداء البلهارسيا اليوم في العالم ، يربو عن 300 مليون مصاب ، غالبيتهم من المصابين ببلهارسيا الأمعاء الأكثر خطورة ، والتي يصحبها الإصابة بفيروس الكبد ، الذي لم يعرف إلى الآن حقيقة ارتباطه بهذا الداء . والذي نراه في العالم اليوم ، أن طرق المقاومة اتجهت أساساً ، إلى العلاج الجماعي ، وطرق إبادة القواقع ، وتجفيف البرك والمستنقعات ، ونشر الوعي الصحي والمحاضرات ، والدعوة إلى تجنب استخدام الماء في الأماكن الموبوءة بأي شكل من الأشكال . ولكن الحاصل بعد ذلك والمتوقع ، أن ترتفع معدلات الإصابة باضطراد . وتالله فإن لله في كل شأن مقال ، وإن شرع الله سابق ، فلا تخفى على الله حوائج الناس وطبائعهم ، كما لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء . إنها تعاليم الإسلام ، في الماء والطهارة ، التي خفيت علينا اليوم ، وخسرها العالم بتنحي دور المسلمين الفاعل ، فإنها كانت يوم كان للمسلمين ريادة . فإن السركاريا تنجذب للأسطح والظل والحرارة والأحماض الدهنية المنبعثة من الجلد . ولكن في تناول الماء : 1- تنجذب السركاريا لجدران الآنية . 2- إذا صُبَ الماء للاستخدام على الجسم في الوضوء والغسل مثلاً ، فإن باقي السركاريا تنساب مع الماء على الجلد فلا تعلق به ، فالجلد الذي لم يتعرض للانغماس ، سطح غير محب للماء . 3- وبعد ذلك ، فإن الطبقة الدهنية الحامضية من إفراز الغدد العرقية والدهنية ، على الجلد الذي لم ينغمس في الماء ، قاتلة للسركاريا . ( وقد عرفت أيضاً طرق الوقاية الجلدية من البلهارسيا في التدهن بالبرافين والقطران والدايميثيكون قبل الخوض في الماء ، تعمل عن طريق وقاية الطبقة الدهنية للجلد من أثر الانغماس ) وهكذا ، فإن العدوى لا تحدث إلا بالانغماس ، وفي تناول الماء الراكد عند ضرورة الاستخدام وقاية من الإصابة ؛ وتلك هي تعاليم الدين بيسرها ونفعها وموافقتها للحوائج وأدق العلوم والمعارف . ( وردت الأحاديث بما يدل على جواز اقتحام الماء الجاري ، إذا كان غمراً كثيراً ؛ كما ورد أن ماء البحر مطهر على إطلاق المعني في غير حذر أو احتراز . أما ماء الشرب فقد دلت آيات الكتاب على وجوب اختزانه في حرز ، أو حيازة مصدره فلا يترك لمظنة تلويثه بأي شكل من الأشكال ، والأصل الذي تقاس عليه صلاحية ماء الشرب ، هو ماء السماء ) أنظر أصل البحث كما أننا نرى من حكمة التشريع ، أن النهي عن تلويث المياه وحده لا يكفي ، فإن للناس طبائع تجعل تمام هذا المراد درب من الخيال . فنرى النص على حرمة الانغماس في الماء الراكد ، والذي ثبت لنا حالياً أنه فعلاً الطريقة الحقيقية للعدوى بالبلهارسيا والطفيليات ، والتي نعرفها الآن بالعدوى عن طريق الجلد . وفي نفس الوقت نرى أن المنهج الإسلامي يعنى بالاستخدام الآمن للماء الراكد عند الضرورة ، بتناول الماء فقط ، والاحتراز التام من الانغماس فيه ؛ وفي ذلك اعتبار لأحوال وحاجات الناس في تلك البيئات ، والتي لم يستشعرها واضعوا برامج مكافحة البلهارسيا ، للآن . كما نلحظ من دلالة الحديث ، أن حرمة الانغماس في الماء الراكد لا ترتفع ، وإن اجتنب الناس تلويث الماء فرضاً ؛ ويوافق ذلك أن القوارض والثدييات وحدها قد تتم دورة البلهارسيا ، فتحدث الإصابة لمن يرتاد تلك المياه ، وإن كانت غير مأهولة بالناس . ولقد شاعت وعمت ثقافة المسلمين كافة الأرجاء ، يوم أشرقت شمس دولة الإسلام ، حتى لقد أصدر جنكيز خان مرسومه بقتل الزناة محصنين كانوا أو غير محصنين ، كما أصدر بقتل من بال أو انغمس في الماء الواقف ، بغير هوادة ولا تمييز . فالله نسأل أن يبرم لهذه الأمة أمر رشد يؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم |
اهتم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالمثل العالية والأخلاق السامية، التي تصوغ الحياة في إطار المودة والتعاطف، وتوحد طاقات المجتمع في بوتقة التكافل الاجتماعي.. وقد بين لنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما ينبغي أن تكون عليه علاقة المؤمنين بعضهم ببعض، فجعلها مثل البناء المتلاحم الذي لا خلل فيه، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)... رواه البخاري..
وصور لنا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تلاحم العواطف، وقوة شعور الفرد بإخوانه المسلمين بقوله: (إن المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، يألم المؤمن لأهل الإيمان، كما يألم الجسد لما في الرأس).. رواه أحمد.. ومن ثم فإن رابطة الأخوة بين المسلمين توجب على الموسر منهم مساعدة المعسر، وأي عسر أعظم من اليتم، فاليتم مظهر واضح للضعف، والحاجة إلى المعونة والرفق والرعاية.. وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أوائل الذين لمسوا آلام اليتيم وأحزانه، ومن ثم اهتم ـ صلى الله عليه وسلم ـ باليتيم اهتماماً بالغاً من حيث تربيته ورعايته ومعاملته، وضمان سبل العيش الكريمة له، حتى ينشأ عضواً نافعاً، ولا يشعر بالنقص عن غيره من أفراد المجتمع، فيتحطم ويصبح عضواً هادماً في الحياة.. فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ حاثا وآمرا ومحفزا على رعاية اليتيم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً)... رواه البخاري. قال ابن بطال: "حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الجنة، ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك". وجعل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الإحسان إلى اليتيم علاجا لقسوة القلب، وإن أبعد القلوب عن الله القلب القاسي، فعن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال: أتى النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجل يشكو قسوة قلبه، فقال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟، ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك، يلن قلبك وتدرك حاجتك)... رواه الطبراني . كما بشر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أحسن إلى اليتيم ولو بمسح رأسه ـ ابتغاء وجه الله ـ بالأجر والثواب الكبير، حيث قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (من مسح رأس يتيم ـ لم يمسحه إلا لله ـ كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده، كنت أنا وهو في الجنة كهاتين)... رواه أحمد. وهذا التوجيه الذي ذكره الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من مسح شعر اليتيم، هو الحد الذي لا يصعب على أحد، ويمكن أن يقوم به كل إنسان، فيشعر اليتيم بالحب والحنان، ثم هو يجلب له الحسنات. بل كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحرص كل الحرص على رعاية مشاعر الأيتام وإدخال السرور عليهم، ففي قصة اختصام أبي لبابة ـ رضي الله عنه ـ ويتيم في نخلة، قضى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي لبابة بالنخلة لأن الحق كان معه، لكنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما رأى الغلام اليتيم يبكي، قال لأبي لبابة: (أعطه نخلتك، فقال: لا، فقال أعطه إياها ولك عذق في الجنة، فقال: لا، فسمع بذلك ابن الدحداحة فقال لأبي لبابة: أتبيع عذقك ذلك بحديقتي هذه؟، فقال نعم.. ثم جاء رسولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: النخلة التي سألت لليتيم أن أعطيته ألِي بها عذق في الجنة؟!، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نعم. ثم قُتِل ابن الدحداحة شهيدا يوم أحد، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: رُب عذق مذلل لابن الدحداحة في الجنة)... رواه البيهقي. وقد مدح النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نساء قريش لرعايتهن اليتامى، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، أحناه على يتيم في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده)... رواه أحمد. ولما مات جعفر بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ تعهد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أولاده وأخذهم معه إلى بيته، فلما ذكرت أمهم من يتمهم وحاجتهم، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (العيلة (يعني الفقر والحاجة) تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة)... رواه أحمد . ثم إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يقتصر في اهتمامه باليتيم على أسلوب الحث والترغيب، بل استخدم أيضا أسلوب التحذير من الإساءة إلى الأيتام، أو أكل أموالهم بالباطل، بحيث لا يُقْدم على فعل ذلك إلا من قسى قلبه، وغلبت عليه شقوته، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (اجتنبوا السبع الموبقات (المهلكات)، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟، قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات)... رواه البخاري.. فعدَّ الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أكل مال اليتيم من السبع الموبقات، ومن كبائر الذنوب وعظائم الأمور.. ولخطورة وعظم حق مال اليتيم، وجه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من كان ضعيفاً من الصحابة ألا يتولين مال يتيم، فعن أبي ذر - رضي الله عنه - أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم)... رواه مسلم. وقد ترجم المسلمون الأوائل هذه التوجيهات النبوية ترجمة عملية، ومن ينظر في حال سلفنا الصالح، يظهر له بوضوح مقدار الحرص على رعاية اليتيم وكفالته، طلبا وبحثا عن ترقيق القلوب والأجر العظيم، ومرافقة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الجنة، فهو القائل ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً)... رواه البخاري.. المصدر: موقع إسلام ويب |
الإعجاز العلمي في أذكار النبي الأعظم
لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يفعل شيئاً إلا ويذكر الله تعالى، ولكن لماذا؟ ما هي الحكمة والفائدة من هذا العمل؟ إن هذه الأذكار هي علاج لكثير من الأمراض النفسية...... كثيرة هي الأشياء التي كان يفعلها نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، وفيها ردّ على كل ملحد أو مشكك يدعي أن محمداً كان يريد الشهرة والمال والنساء!! فالنبي الكريم عليه الصلاة والسلام كان يحافظ على الأذكار صباحاً ومساءً حتى آخر لحظة من حياته. والذي يتعمق في هذه الأذكار والأدعية يرى فيها دليلاً واضحاً على صدق هذا النبي الرحيم. فالإنسان الذي يكذب على الناس وعلى الله يكون همّه الدنيا وزينتها وشهرتها ومالها ونساءها، ويظهر ذلك جلياً في أقواله وأفعاله، ولكن عندما نتأمل حياة خير البشر صلى الله عليه وسلم نلاحظ أن كل همّه كان الآخرة! ويظهر ذلك واضحاً في الأذكار والأدعية والأفعال والأقوال. وهذا يدل على أنه صادق لأنه يعمل لما بعد الموت، فلو بحثنا في العالم بأكمله لا نجد إنساناً كاذباً يعمل لأجل الآخرة وهو يدرك أن الله سيحاسب البشر على كل صغيرة أو كبيرة. أحبتي في الله، نستطيع أن نتدبَّر الحكمة من أذكار النبيّ ونحن نعيش في عصر العلم، حيث وجدتُ أن علماء البرمجة اللغوية العصبية وعلماء النفس وحتى الأطباء يؤكدون على أهمية أن يردّد الإنسان عبارات محددة كل يوم صباحاً ومساءً، وهذه العبارات سوف تحدث تغييراً في العقل الباطن وبالتالي تحدث تغييراً في الشخصية، ويؤكدون أن هذه العبارات يمكن أن تكون علاجاً لبعض الأمراض، وكذلك يؤكدون أن تكرار عبارات محددة صباحاً ومساءً يمكن أن يكون سبباً في النجاح في الحياة ومزيد من الإبداع والسعادة. ومن هنا يمكن أن ندرك عَظَمَة هذا النبي عندما أمرنا أن نردد عبارات محددة كل يوم صباحاً ومساءً، وسوف نتأمل بعض هذه العبارات ونحاول معرفة ما تحمله من أسرار علمية تتجلى في هذا العصر لتكون وسيلة نزداد بها حباً وشوقاً للقاء الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم، وبنفس الوقت فإن هذه الحقائق هي ردّ علمي مقنع على كل من يشكك برسالة هذا النبي الخاتم عليه الصلاة والسلام. سوف نعيش مع نماذج قليلة من أذكار المصطفى عليه الصلاة والسلام، وينبغي على المؤمن أن يحفظ هذه الأذكار عن ظهر قلب، فما أجمل أن نلقى النبي ونحن حافظين لكلامه في صدورنا. آية تحفظك من شر كل شيء! إنها آية الكرسي: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) [البقرة: 255]، وهي الآية التي أكد النبي أن من يقرأها صباحاً لا يزال عليه حافظ من الله حتى يمسي، ومن قرأها مساء لا زال عليه حافظ من الله حتى يصبح. لقد جرَّبتُ قراءة هذه الآية على أي شيء أمتلكه، وقد وجدتُ أن تلاوة آية الكرسي هو سبب في حفظ الأشياء بإذن الله تعالى. وعندما نقرأ هذه الآية على أولادنا أو إخوتنا فإنها تكون سبباً في وقايتهم من الشر، ولكن ما الذي يحدث علمياً؟ إن ثقة الإنسان بشيء ما تساعده على تحقيقه. فالاعتقاد السائد اليوم عند علماء البرمجة اللغوية العصبية أنك إذا فكَّرتَ كثيراً بأن مرضاً ما سيصيبك، فسوف يصيبك هذا المرض بالفعل؟ لأن التفكير يحدث نشاطاً في خلايا محددة من الدماغ، وهذه الخلايا العصبية تعطي أوامر لأعضاء وأجهزة الجسم حسب الأوامر التي تتلقاها. فأنتَ عندما تغذِّي دماغك بأفكار التشاؤم فسوف يصيبك شيء منه، ولذلك يقترح هؤلاء العلماء أن تقوم بتكرار عبارات تؤكد فيها أنك ستكون بمأمن من هذا الشر، أو أن هذا المرض لن يصيبك، أو أنه لن يستطيع أحد أن يؤذيك، وستكون النتيجة رائعة، هكذا يقولون. ومن هنا نقول: إن تلاوتك لآية الكرسي مثلاً وما تحمله هذه الآية من معاني سيؤدي إلى حفظك من كل سوء، فالله تعالى الذي حفظ الكون بأكمله لن يعجز عن حفظ مخلوق ضعيف يلجأ إلى الله ويتلو آياته ويعتقد أن الله سيحفظه ويحميه من كل سوء أو مرض. ولذلك فإن الأثر النفسي لقراءة آية الكرسي وتكرارها عدة مرات هو أثر عظيم يشعرك بالاطمئنان ويخلصك من الوساوس والمخاوف التي تنتابك أثناء التشاؤم أو الخوف من المرض أو الخوف من الأذى. سورة تقيك شر كل عين أو حاسد أو سحر إنها سورة الفلق (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) والتي كان النبي يحافظ على تلاوتها مراراً وتكراراً وبخاصة في الصباح والمساء، لم أكن مقتنعاً بأن العين لها تأثير على الإنسان، ولكنني مررت بتجربة استمرت بحدود السنة فكنتُ أرى خلالها شخصاً يحسد الناس على كل شيء، والجميع يكرهونه ويحاولون الابتعاد عنه، ولكن الظروف شاءت أن يزورني هذا الشخص كل مدة بحكم صلة الرحم والقرابة التي لا أستطيع أن أنكرها. والشيء الغريب أن هذا الشخص كلما حضر في منزلي وبعد ذهابه مباشرة فإن أمراً سيئاً لابد أن يحدث مثل كسر غرض من أغراض المنزل أو إصابة السيارة بصدمة أو مرض وغير ذلك! وتكرر ذلك أكثر من عشرين مرة، أي أن هذه الأمور السيئة لم تحدث بالمصادفة بل بفعل عين هذا الشخص الذي كان يتمنى زوال النعمة عن الآخرين. ولدى السؤال تبين أن معظم من زارهم هذا الشخص قد حدث لهم نفس الأمر، وهذا ما جعلني أستيقن أن العين حق (كما قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم) وأنه ينبغي أن نبحث عن العلاج، وبدأتُ أتلو سورة الفلق كلما رأيتُ هذا الشخص، وأكررها سبع مرات، وسبحان الله اختفت الأمور السيئة التي كانت تحدث من قبل! إن هذه القصة حدثت معي وربما حدثت مع ملايين البشر ولكنهم لم ينتبهوا لمثل هذه الأمور، والجانب العلمي في هذا الموضوع أني عندما أتلو سورة الفلق وألجأ إلى الله فإن هذه السورة تمنحني قوة وثقة كبيرة بالله، واعتقاد أن عين هذا الشخص لن تؤثر بي أو بمن حولي، وهذا يعني أنني أعطي تعليمة للدماغ أن يكون مهيئاً لرد أي "أشعة" قد تصدر من عين الحاسد ومقاومتها وصرفها بإذن الله تعالى، وبالتالي فإن هذه السورة ستكون سبباً في حمايتي من الشر والسوء. سورة تبعد عنك الهموم والوساوس والخوف وهي سورة الناس التي ختم الله كتابه بها: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) هذه هي آخر سورة من القرآن،و طالما تساءلتُ: لماذا ختم الله كتابه المجيد بهذه السورة التي نستعيذ من شر الشيطان ووساوسه؟ تقول الإحصائيات الحديثة إن معظم الناس (وبخاصة في دول الغرب و دول الإلحاد) يعانون من اضطراب نفسي ما، ويعانون من وسوسة ما تسبب لهم التعاسة والاكتئاب والقلق. وحتى لدى المسلمين نجد مثل هذه الاضطرابات النفسية، وهي ما ينعكس عليهم سلبياً ويكون سبباً في عدم إحساسهم بالسعادة. ولذلك فإن الله تعالى شاء أن يجعل آخر سورة لتكون علاجاً للاضطرابات النفسية فهو أعلم بخلقه وأعلم بنفوسهم وأعلم بما يصلح هذه النفوس. ولذلك فإنك عندما تقرأ سورة الناس وتكررها وأنت خاشع متأمل متدبِّر كلماتها الرائعة، فإن هذه الكلمات والمعاني ستؤثر على مناطق محددة في الدماغ وتنشطها لتعطي الأوامر إلى أجهزة الجسم بأن يزيل عنه التوتر والوسوسة والتفكير السلبي. كذلك فإن كلمات هذه السورة عند تكرارها مرات عديدة ستحدث تغييراً في نشاط الدماغ بحيث تساعده على التفكير الإيجابي والفعال، وتتخلص بسهولة من الوسوسة أو التردد أو الحيرة التي تقع بها نتيجة ضغوط الحياة. فمن منَّا ليس لديه مشاكل في حياته؟ ومن منا لم يمر بظروف قاسية سببت له القلق والإحباط والاكتئاب؟ فهذه السورة العظيمة هي علاج لمثل هذه الاضطرابات، ولكن بشرط أن تقرأها بتمعن وتفكّر وخشوع، وأن تعتقد أن الله قادر على أن يبعد عنك أي ضرر وأنه قادر على أن يحل لك مشكلتك، ولكن التجئ إليه بقلب مخلص، وسوف تزول مشاكلك بإذنه تعالى. هل تحب أن تختم القرآن في ربع دقيقة!! وهذه سورة تعدل ثلث القرآن كما أخبر بذلك سيد البشر عليه الصلاة والسلام، إنها سورة التوحيد والإخلاص: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)، فهذه السورة لها أثر عظيم في الشفاء وفي الرزق وفي منحك القوة وقوة الشخصية وهي السورة التي كان النبي يكثر من قراءتها. وبالتالي فإن قراءتك لهذه السورة ثلاث مرات (وهذا العمل يستغرق أقل من ربع دقيقة) فإنك تكون قد ختمت القرآن! والحقيقة هذه السورة من أجمل السور في القرآن (والقرآن كله عظيم ورائع)، فهي سورة قصيرة جداً لا تتجاوز السطر الواحد ولكن معانيها غزيرة وعظيمة. فأنت عندما تقرأ سورة الإخلاص فإنك تعود إلى الفطرة التي فطرك الله عليها. وهذا ما حدث مع أحد القساوسة عندما قرأ هذه السورة لأول مرة فوجد صدى لهذه الكلمات في أعماقه، لقد أحس أنه يعرفها، وقال: لقد حفظت هذه السورة من أول مرة ولا زالت تتردد في أعماقي لدرجة البكاء! ثم قال إنني ولأول مرة أشعر بأن هناك كلاماً يخاطب العقل والروح، إن إحساسي بأن الله واحد يشعرني بالارتياح والطمأنينة، ولذلك فإنني أشهد أن الله واحد أحد وأن الإسلام حق لأنني وجدتُ أن الإسلام هو دين الفطرة. ولذلك يا أحبتي كانت هذه السورة سبباً في إسلام هذا القس بعد أن لمس الحقيقة ووجد أن الإسلام هو الدين الحقيقي، وهو الدين الوحيد الذي يقود إلى السعادة والاطمئنان، ولذلك قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 97]. فهذا قانون إلهي يؤكد أن كل مؤمن سيكون مطمئناً وحياته طيبة. أما الملحد فلابد أن تمتلئ حياته بالمشاكل والهموم وضنك العيش ولن يشعر بالسعادة أبداً ولو ظن أنه سعيد، بل إنه قلق في داخله، وهذا ما أخبر به القرآن في قوله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) [طه: 124-126]. دعاء يقرّبك من الله إنه دعاء كان النبي يحافظ عليه كلما استيقظ من نومه أو كلما أراد أن ينام: (اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور) [رواه الترمذي]. انظروا معي إلى هذه الكلمات وكم تعطيك من ثقة بالله! إنها تجعلك تشعر بأنك تعيش كل لحظة قريباً من الله. يؤكد العلماء على ضرورة مخاطبة العقل الباطن واستغلال أوقات الصباح والمساء، وبخاصة بعد الاستيقاظ وقبل النوم، فهاتين الفترتين يكون العقل الباطن في أقصى درجات الاتصال مع العقل الظاهر، وبالتالي فإنه يتلقى أي معلومة بسهولة ويرسخها ويتجاوب معها. فأنت عندما تناجي ربك بهذا الدعاء إنما تتصل مع الله وتشعر أنك قريب من الله وأن الله مسيطر على كل شيء في حياتك ومماتك ويعثك يوم القيامة، وهل هناك أجمل من أن تشعر بأن الله معك في كل لحظة! إن هذا الشعور سيمنحك السعادة ويشعرك بالطمأنينة التي حُرم منها كل من يبتعد عن الله، وربما ندرك لماذا كان النبي حريصاً على هذا الدعاء وغيره صباحاً ومساءً، لأنه يريد لنا الاطمئنان ويريد لنا السعادة في الدنيا والآخرة. دعاء التوحيد وهو من الأدعية "الذهبية" التي كان النبي يرددها كثيراً بل كل يوم أكثر من مئة مرة، وهو: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) [متفق عليه]. لقد أكَّد الحبيب الأعظم على أنه من قال هذا الدعاء مئة مرة كُتبت له مئة حسنة ومحيت عنه مئة سيئة وكان كمن أعتق عشر رقاب، ولم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه! سبحان الله! كل هذا الأجر ونحن غافلون عن هذا الدعاء؟ وكم عدد الذين يلتزمون لهذا الذكر كل يوم مئة مرة؟ لاشك أنه قليل، ولذلك فإنني أنصح كل أخ وأخت أن يتذكروا هذا الدعاء كل يوم ويحاولوا أن يكرروه مئة مرة على دفعات صباحاً ومساءً وظهراً وكلما ضاقت به السبُل، أو كلما شعر بالحزن أو الهم، ولكن ما الذي يحدث علمياً؟ إنك عندما تردد هذه الكلمات فإن هذا اعتراف منك بوحدانية الخالق عز وجل وقدرته وأنه قادر على كل شيء، فهو القادر على أن يرزقك إذا كان رزقك قليل! وهو القادر على أن يبعد عنك الأمراض إذا كنت تخشى ذلك، وهو القادر على أن يزيل عنك الهموم ويخلّصك من الأحزان والمشاكل النفسية. ويقول علماء النفس من الضروري لأي شخص أصابه اضطراب نفسي مثل انفصام الشخصية أو الخوف الشديد أو الاكتئاب، أن يلجأ إلى شخص قوي ويشعر بأنه سيحميه أو سيخلصه من هذه الهموم، فإن هذا الشعور ضروري للعلاج، وأقول: هل هناك أقوى من رب السموات السبع سبحانه وتعالى لنلجأ إليه وندعوه ونتقرب منه؟! دعاء الاستغاثة إنه دعاء لا يستغني عنه المؤمن: (يا حيّ يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكِلني إلى نفسي طرفة عين) [رواه الحاكم]. تأملوا معي قوله عليه الصلاة والسلام: (طرفة عين) وفي روايات أخرى (طرفة عين أو أقل من ذلك) فما هي الحكمة العلمية، وما معنى أقل من طرفة العين؟ إن سرعة معالجة الأوامر في الدماغ واتخاذ القرار وبخاصة القرارات الخاطئة، هو زمن قصير يقدر بعشرات الميلي ثانية، وبالتالي أراد النبي لنا أن نعتمد على الله وألا يكِلنا إلى أنفسنا مقدار طرفة العين، ففي زمن طرفة العين هناك ملايين العمليات التي تتم في الدماغ والقلب، ولذلك فإن هذا الدعاء هو تسليم كامل لله أن يهيء لنا أبواب الخير وألا تتدخل نفوسنا الضعيفة في قراراتنا. ويؤكد العلماء أن الزمن الأقل من طرفة العين هو زمن جوهري في العمليات داخل الخلايا العصبية، وقد يتخذ الإنسان قراراً في جزء من ثانية دون أن يشعر، ويكون هذا القرار سبباً في تعاسته أو خسارته، لذلك كان النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم حريصاً علينا ألا نتكل على أنفسنا أو نلجأ إلى قدرتنا وقوتنا ولو لجزء من الثانية، بل أن نسلم الأمر كله لله تعالى. دعاء الرضا ونقوله ثلاث مرات: (رضيت بالله تعالى رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً) [رواه أبو داود]، فمن قال هذا الدعاء ثلاث مرات صباحاً ومساءً كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة. هناك قاعدة في علم النفس تؤكد أن 90 بالمئة من الاضطرابات النفسية سببها عدم الرضا عن الواقع الذي يعيشه الإنسان! ويحاول علماء النفس ابتكار طرق لجعل المرضى النفسيين يرضون عن حياتهم وظروفهم ويقتنعون بما يجري حولهم. وتؤكد بعض الدراسات أن الملحد أقل الناس رضا بما يجري حوله، لأن لديه الكثير من التساؤلات لا يوجد إجابة عنها، فمن الذي خلق الكون؟ ولماذا وجدتُ على الأرض؟ وماذا بعد الموت؟ و... كلها أسئلة يقف الملحد حائراً أمامها وبالتالي هناك مشاكل نفسية تنشأ لديه بسبب عدم القناعة بما يجري حوله. إن هذا الدعاء يشعرك بالرضا وهذا ضروري لسعادتك، فأكثر الناس سعادة هم أكثرهم رضا! وهذه دراسة حديثة نشرتها مجلة أبحاث السعادة الأمريكية تؤكد هذه الحقيقة، فهذا الدعاء يقودك إلى السعادة ويزيل عنك الهموم، ولذلك أنصح كل مؤمن أن يلجأ إلى هذا الدعاء ويكرره عشرات المرات كلما أحس بالقلق أو الحزن |